فصل: الوقوف:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



ولما كان من المعلوم أنه يقول صلى الله عليه وعلى آله وسلم: فبماذا أجيبهم؟ قال: {قل} أي لهم: {سأتلوا} أي أقص قصًا متتابعًا في مستقبل الزمان إن أعلمني الله به {عليكم} أيها المشركون وأهل الكتاب المعلمون لهم مقيدًا بأن شاء الله كما سلف لك الأمر به {منه ذكرًا} كافيًا لكم في تعرف أمره، جامعًا لمجامع ذكره.
ولما كانت قصته من أدل دليل على عظمة الله، جلاها في ذلك المظهر فقال: {إنا} مؤكدًا لأن المخاطبين بصدد التعنت والإنكار {مكنا} أي بما لنا من العظمة، قيل: بالملك وحده، وقيل مع النبوة، لأن ما ينسب إلى الله تعالى على سبيل الامتنان والإحسان جدير بأن يحمل على النهاية لاسيما إذا عبر عنه بمظهر العظمة {له في الأرض} مكنة يصل بها إلى جميع مسلوكها، ويظهر بها على سائر ملوكها {وءاتيناه} بعظمتنا {من كل شيء} يحتاج إليه في ذلك {سببًا} قال أبو حيان: وأصل السبب الحبل، ثم توسع فيه حتى صار يطلق على ما يتوصل به إلى المقصود.
فأراد بلوغ المغرب، ولعله بدأ به لأن باب التوبة فيه {فأتبع} أي بغاية جهده- هذا على قراءة ابن كثير ونافع وأبي عمرو بالتشديد، والمعنى على قراءة الباقين بقطع الهمزة وإسكان الفوقانية: ألحق بعض الأسباب ببعض، وذلك تفسير لقراءة التشديد {سببًا} يوصله إليه، واستمر متبعًا له {حتى إذا بلغ} في ذلك المسير {مغرب الشمس} أي الحد الذي لا يتجاوزه آدمي في جهة الغرب {وجدها} فيما يحس بحاسة لمسه {تغرب} كما أحسه بحاسة بصره من حيث إنه متصل بما وصل إليه بيده، لا حائل بينه وبينه {في عين حمئة} أي ذات حمأة أي طين أسود، وهي مع ذلك حارة كما ينظر من في وسط البحر أنها تغرب فيه وتطلع منه وعنده القطع بأن الأمر ليس كذلك {ووجد عندها} أي على الساحل المتصل بتلك العين {قومًا} كفارًا لهم قوة على ما يحاولونه ومنعة، فكأنه قيل: ماذا أمر فيهم؟ فأجيب بقوله: {قلنا} بمظهر العظمة: {يا ذا القرنين} إعلامًا بقربه من الله وأنه لا يفعل إلا ما أمره به، إما بواسطة الملك إن كان نبيًا وهو أظهر الاحتمالات، أو بواسطة نبي زمانه، أو باجتهاده في شريعته الاجتهاد المصيب، {إما أن تعذب} أي هؤلاء القوم ببذل السيف فيهم بكفرهم {وإما أن تتخذ} أي بغاية جهدك {فيهم حسنًا} أمرًا له حسن عظيم، وذلك هو البداءة بالدعاء، إشارة إلى أن القتل وإن كان جائزًا فالأولى أن لا يفعل إلا بعد اليأس من الرجوع عن موجبه {قال أما من ظلم} باستمراره على الكفر فإنا نرفق به حتى نيأس منه ثم نقتله، وإلى ذلك أشار بقوله: {فسوف نعذبه} بوعد لا خلف فيه بعد طول الدعاء والترفق {ثم يرد} بعد الحياة بالموت، أو بعد البرزخ بالبعث، ردًا هو في غاية السهولة {إلى ربه} الذي تفرد بتربيته {فيعذبه عذابًا نكرًا} شديدًا جدًا لم يعهد مثله لكفره لنعمته، وبذل خيره في عبادة غيره، وفي ذلك إشارة بالتهديد الشديد لليهود الغارين لقريش، وإرشاد لقريش إلى أن يسألوهم عن قوله هذا، ليكون قائدًا لهم إلى الإقرار بالبعث {وأما من ءامن وعمل صالحًا} تصديقًا لما أخبر به من تصديقه {فله} في الدارين {جزاء} طريقته {الحسنى} منا ومن الله بأحسن منها {وسنقول} بوعد لا خلف فيه بعد اختباره بالأعمال الصالحة {له} أي لأجله {من أمرنا} الذي نأمر به فيه {يسرًا} أي قولًا غير شاق من الصلاة والزكاة والخراج والجهاد وغيرها، وهو ما يطيقه ولا يشق عليه مشقة كبيرة {ثم أتبع} لإرادته بلوغ مشرق الشمس {سببًا} من جهة الجنوب يوصله إلى المشرق واستمر فيه لا يمل ولا تغلبه أمة مر عليها.
{حتى إذا بلغ} في مسيره ذلك {مطلع الشمس} أي الموضع الذي تطلع عليه أولًا من المعمور من الأرض {وجدها تطلع على قوم} على ساحل البحر لهم قوة شديدة {لم نجعل لهم} ولما كان المراد التعميم، أثبت الجار فقال: {من دونها} أي من أدنى الأماكن إليهم أول ما تطلع {سترًا} يحول بينهم وبين المحل الذي يرى طلوعها منه من البحر من جبل ولا أبنية ولا شجر ولا غيرها.
ولما كان أمره مستغربًا في نفسه وفي الاطلاع عليه لاسيما عند القرب، قال تعالى: {كذلك} أي أمره كما ذكرنا لكم على سبيل الاقتصار {وقد أحطنا} بما لنا من العظمة، {بما لديه} أي كله من الأمور التي هي أغرب المستغرب {خبرًا} أي من جهة بواطن أموره فضلًا عن ظواهرها، فلا يستغرب إخبارنا عن ذلك ولا عن أمر أصحاب الكهف، ولا يظن أن تفصيل أمر الروح خفي عنا، لأنا مطلعون على خفايا الأمور وظواهرها، شواهدها وغوائبها، وكيف لا ونحن أوجدناها ولكنا لا نذكر من ذلك إلا ما نريد على ما تدعو إليه الحكمة، فلو شئنا لبسطنا هذه القصة وقصة أهل الكهف وفصلنا أمر الروح تفصيلًا يعجز عن حفظه الألباء {ثم أتبع} في إرادته ناحية السد مخرج يأجوج ومأجوج {سببًا} من جهة الشمال، واستمر أخذًا فيه {حتى إذا بلغ}. اهـ.

.القراءات والوقوف:

قال النيسابوري:

.القراءات:

{فأتبع} {ثم أتبع} مقطوعة: ابن عامر وعاصم وحمزة وعلي وخلف الباقون بالتشديد موصولة. {حامية} الألف من غيرهم: ابن عامر ويزيد وحمزة وعلي وخلف وعاصم غير حفص. الباقون: {حمئة} بالهمزة من غير ألف {جزاء الحسنى} بالنصب منونًا. يعقوب وحمزة وعلي وخلف وعاصم غير أبي بكر وحماد. الآخرون {جزاء الحسنى} بالرفع والإضافة. {السدين} بفتح السين: ابن كثير، أبو عمرو وحفص وأبو زيد عن المفضل. الآخرون بضمها. {يفقهون} بضم الياء وكسر القاف: حمزة وعلي وخلف. الباقون بفتحهما {يأجوج ومأجوج} حيث كان مهموزًا: عاصم غير الشموني {فهل نجعل} وبابه بإدغام اللام في النون: علي وهشام {خراجًا} بالألف: حمزة وعلي وخلف وعاصم غير أبي بكر وحماد الباقون: {خرجا} بسكون الراء. {سدًا} بفتح السين: ابن كثير وأبو عمرو وحمزة وعلي وخلف وعاصم. والباقون بضمها {مكننى}: ابن كثير: الباقون بإدغام النون في النون {ردمًا ائتوني} يحيى وحماد والابتداء بكسر الألف {الصدفين} بضم الصاد والدال: ابن كثير وابن عامر وأبو عمرو وسهل ويعقوب المفضل مخير، أبو بكر وحماد بضم الصاد وإسكان الدال. الآخرون بفتح الصاد والدال. {قال ائتوني} والابتداء بكسر الألف: يحيى وحماد وحمزة {فما اسطاعوا} بالإدغام: حمزة غير حماد وخلاد، وقرأ أبو نشيط والشموني {فما اصطاعوا} بالصاد وهو الصحيح من نقل ابن مهران. {دكاء} بالمد: حمزة وعلي وخلف وعاصم غير المفضل والخزاز عن هبيرة {أفحسب الذين} بسكون السين ورفع الباء: يزيد ويعقوب والأعشى في اختياره {دوني أولياء} بفتح ياء المتكلم: أبو جعفر ونافع وأبو عمرو {أن ينفد} بياء الغيبة: حمزة وعلي وخلف وابن مجاهد والنقاش عن ابن ذكوان.

.الوقوف:

{القرنين} ط {ذكرًا} o ط {سببًا} لا {سببًا} o {قولًا} o ط {حسنًا} o {نكرًا} o {الحسنى} ج لاختلاف الجملتين {يسرًا} o ط لأن {ثم} لترتيب الأخبار {سببًا} o {سترًا} o {كذلك} ط أي كذلك القبيل الذين كانوا عند مغرب الشمس. وقيل: يبتدأ بكذلك أي ذلك كذلك أو الأمر كذلك. وقيل: أي أحطنا بما لديه من العدد والعدد كذلك أي كعلمنا بقوم سبق ذكرهم {خبرًا} o {ثم أتبع سببًا} o {قومًا} لا {قولًا} o {سدًّا} o {ردمًا} o {الحديد} ط {انفخوا} ط {نارًا} لا لأن {قال} جواب {إذا} {قطرًا} o ط لأن ما بعده ابتداء إخبار {نقبا} o {من ربي} ج لعطف الجملتين المختلفتين {دكاء} ج لذلك {حقًا} o ط لانقطاع القصة {جمعًا} o لا للعطف {عرضًا} o لا {سمعًا} o {أوليا} ط {نزلًا} o {أعمالًا} o ط للفصل بين الاستخبار والإخبار لأن التقدير هم الذين، ويجوز أن يكون نصبًا على الذم أو جرًا على البدل {صنعًا} o {وزنًا} o {هزوًا} o {نزلًا} o {حولًا} o {مددًا} o {واحد} ج لابتداء الشرط مع فاء التعقيب {أحدًا} o. اهـ.

.الإسرائيليات في قصة ذي القرنين:

قال الدكتور محمد أبو شهبة:
ومن الإسرائيليات التي طفحت بها بعض كتب التفسير: ما يذكرونه في تفاسيرهم، عند تفسير قوله تعالى: {وَيَسْأَلونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا فَأَتْبَعَ سَبَبًا}1 الآيات.
وقد ذكر ابن جرير في تفسيره بسنده، عن وهب بن منبه اليماني، وكان له علم بالأحاديث الأولى، أنه كان يقول: {ذو القرنين}: رجل من الروم، ابن عجوز من عجائزهم، ليس لها ولد غيره، وكان اسمه الإسكندر، وإنما سُمِّيَ ذا القرنين؛ أن صفحتي رأسه كانتا من نحاس، فلما بلغ وكان عبدا صالحا، قال الله عز وجل له: يا ذا القرنين إني باعثك إلى أمم الأرض، وهي أمم مختلفة ألسنتهم، وهم جميع أهل الأرض، ومنهم أمتان بينهما طول الأرض كله، ومنهم أمتان بينهما عرض الأرض كله، وأمم في وسط الأرض منهم الجن، والإنس، ويأجوج ومأجوج.. ثم استرسل في ذكر أوصافه، وما وهبه الله من العلم والحكمة، وأوصاف الأقوام الذين لقيهم، وما قال لهم، وما قالوا له، وفي أثناء ذلك يذكر ما لا يشهد له عقل ولا نقل وقد سود بهذه الأخبار نحو أربعة صحائف من كتابه، وكذلك ذكر روايات أخرى في سبب تسميته بذي القرنين، بما لا يخلو عن تخليط وتخبط، وقد ذكر ذلك عن غير ابن جرير: السيوطي في الدر قال: وأخرج ابن إسحاق، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والشيرازي في الألقاب، وأبو الشيخ، عن وهب بن منبه اليماني، وكان له علم بالأحاديث الأولى أنه كان يقول: كان ذو القرنين رجلا من الروم، ابن عجوز من عجائزهم، ليس لها ولد غيره، وكان اسمه الإسكندر، وإنما سمي ذا القرنين: أن صفحتي رأسي كانتا من نحاس...، وأنا لا أشك في أن ذلك مما تلقاه وهب عن كتبهم، وفيها ما فيها من الباطل، والكذب، ثم حملها عنه بعض التابعين، وأخذها عنهم ابن إسحاق وغيره من أصحاب كتب التفسير، والسير، والأخبار، ويرحم الله الإمام الحافظ الناقد: ابن كثير، حيث قال في تفسيره: وقد ذكر ابن جرير هاهنا عن وهب بن منبه أثرًا طويلا، عجيبا في سير ذي القرنين، وبنائه السد، وكيفية ما جرى له وفيه طول، وغرابة، ونكارة، في إشكالهم، وصفاتهم وطولهم، وقصر بعضهم، وآذانهم، وروى ابن أبي حاتم عن أبيه في ذلك أحاديث غريبة، لا تصح أسانيدها، والله أعلم. وحتى لو صح الإسناد إليها، فلا شك في أنها من الإسرائيليات، لأنه لا تنافي بين الأمرين، فهي صحيحة إلى من رويت عنه، لكنها في نفسها من قصص بني إسرائيل الباطل، وأخبارهم الكاذبة.
ولو أن هذه الإسرائيليات وقف بها عند منابعها، أو من حملها عنهم من الصحابة والتابعين، لكان الأمر محتملا، ولكن الإثم وكِبْر الكذب أن تنسب هذه الأخبار إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولو أنها كما أسلفت كانت صحيحة في معناها ومبناها لما حل نسبتها إلى رسول الله أبدا، فما بالك وهي أكاذيب ملفقة، وأخبار باطلة؟!
وقد روى ابن جرير وغيره عند تفسيره قوله تعالى: {وَيَسْأَلونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ}: حديثًا مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: حدثنا أبو كريب قال: حدثنا زيد بن حباب، عن ابن لهيعة، قال: حدثني عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، عن شيخين من تجيب، أنهما انطلقا إلى عقبة بن عامر، فقالا له: جئنا لتحدثنا فقال: «كنت يوما أخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرجت من عنده، فلقيني قوم من أهل الكتاب، فقالوا: نريد أن نسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستأذن لنا عليه. فدخلت عليه فأخبرته فقال: ما لي، وما لهم، ما لي علم إلا ما علمني الله. ثم قال: اسكب لي ماءًا. فتوضأ، ثم صلى، قال: فما فرغ حتى عرفت السرور على وجهه، ثم قال: أدخلهم علي، ومن رأيت من أصحابي. فدخلوا، فقاموا بين يديه فقال: إن شئتم سألتم فأخبرتكم عما تجدونه في كتابكم مكتوبًا، وإن شئتم أخبرتكم، قالوا: بلى، أخبرنا، قال: جئتم تسألون عن ذي القرنين، وما تجدونه في كتابكم، كان شابًّا من الروم، فجاء، فبنى مدينة مصر الإسكندرية، فلما فرغ جاءه ملك فعلا به في السماء، فقال له: ما ترى؟ فقال: أرى مدينتي، ومدائن، ثم علا به، فقال: ما ترى؟ فقال: أرى مدينتي، ثم علا به فقال: ما ترى؟ قال: أرى الأرض، قال: فهذا اليم محيط بالدنيا، إن الله بعثني إليك تعلم الجاهل، وتثبت العالم، فأتى به السد، وهو جبلان لينان يزلق عنهما كل شيء، ثم مضى به حتى جاوز يأجوج ومأجوج، ثم مضى به إلى أمة أخرى، وجوههم وجوه الكلاب، يقاتلون يأجوج ومأجوج، ثم مضى به إلى أمة أخرى، وجوههم وجوه الكلاب، يقاتلون يأجوج ومأجوج، ثم مضى به حتى قطع به أمة أخرى يقاتلون هؤلاء الذين وجوههم وجوه الكلاب، ثم مضى حتى قطع به هؤلاء إلى أمة أخرى قد سماهم». ثم عقب ذلك بسرد المرويات في سبب تسميته بذي القرنين.
وذكر السيوطي في الدر المنثور مثل ذلك، وقال: إنه أخرجه ابن عبد الحكم في تاريخ مصر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والبيهقي في الدلائل وكل هذا من الإسرائيليات التي دست على النبي صلى الله عليه وسلم ولو شئت أن أقسم بين الركن والمقام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال هذا، لأقسمت، وابن لهيعة ضعيف في الحديث.
وقد كشف لنا الإمام الحافظ ابن كثير عن حقيقة هذه الرواية في تفسيره، وأنحى باللائمة على من رواها، فقال: وقد أورد ابن جرير ههنا، والأموي في مغازيه، حديثا أسنده، وهو ضعيف، عن عقبة بن عامر: أن نفرًا من اليهود جاءوا يسألون النبي صلى الله عليه وسلم عن ذي القرنين، فأخبرهم بما جاءوا له ابتداء، فكان فيما أخبرهم به: أنه كان شابا من الروم، وأنه بني الإسكندرية، وأنه على به ملك في السماء وذهب به إلى السد، ورأى أقواما وجوههم مثل وجوه الكلاب... وفيه طول ونكارة، ورفعه لا يصح، وأكثر ما فيه أنه من أخبار بني إسرائيل.
والعجب: أن أبا زرعة الرازي مع جلالة قدره ساقه بتمامه في كتاب دلائل النبوة، وذلك غريب منه، فيه من النكارة أنه من الروم، وإنما الذي كان من الروم: الإسكندر الثاني، وهو ابن فيلبس المقدوني، الذي تؤرخ به الروم... وكان وزيره أرسطاطاليس الفيلسوف المشهور، والله أعلم.
ومن هو ذو القرنين؟
والذي نقطع به: أنه ليس الإسكندر المقدوني؛ لأن ما ذكره المؤرخون في تاريخه لا يتفق وما حكاه القرآن الكريم عن ذي القرنين، والذي نقطع به أيضا أنه كان رجلا مؤمنا صالحا، ملكه شرق الأرض وغربها، وكان من أمره ما قصه الله تعالى في كتابه، وهذا ما ينبغي أن نؤمن به، ونصدقه، أما معرفة هويته، وما اسمه؟ وأين؟ وفي أي زمان كان؟ فليس في القرآن، ولا في السنة الصحيحة ما يدل عليه، على أن الاعتبار بقصته، والانتفاع بها، لا يتوقف على شيء من ذلك، وتلك سمة من سمات القصص القرآني، وخصيصة من خصائصه أنه لا يعنى بالأشخاص، والزمان، والمكان مثل ما يعنى بانتزاع العبرة منها، والاستفادة منها فيما سيقت له. اهـ.